من حق الناس أن يعرفوا مصير بلدهم ومصيرهم.
كل الدساتير الديمقراطية تضع ضمن فصولها آليات لتعديل النظام السياسي أو حتى تغييره، فالدساتير الديمقراطية توفر آليات لترجمة الإرادة الشعبية إذا أرادت الغالبية تغيير طبيعة النظام السياسي أو تعديله ،لذالك لا يمكن في نظام ديمقراطي و لا يمكن لأي حاكم ديمقراطي تعليق الدستور بحجة تغيير النظام السياسي استجابة لرغبة الجماهير فهذا يسمى بلا لبس انقلابا.
إذا نظرنا إلى تصريح مستشار السيد رئيس الجمهورية حول تعليق الدستور و تغيير النظام السياسي فلا يمكن وصفها إلا بأنها تصريحات غير ديمقراطية وتعطي الحجة بأن البعض يدفع باتجاه انقلاب حقيقي يورط فيه البلاد فما رأي السيد رئيس الجمهورية الذي أكد مرارا أنه ليس دكتاتورا و أنه يحترم الدستور كما ذكر عند استقبال عميد المحامين ، أن المؤسسات سيوجد لها حل وفق الدستور؟
إن تعديل النظام السياسي أو تغييره ،فضلا على أنه يجب أن يتم وفق الآليات الدستورية ، فإنه يجب أن يتم في مناخات عادية تتنافس فيها الرؤى بنزاهة و عدالة و ليس ضمن أجواء فرض الأمر الواقع بإغلاق المؤسسات الدستورية و المس من الحريات و تجميع السلطات عند رئاسة الجمهورية و التجييش الإعلامي و الهجمات السيبرانية الخارجية المعادية للديمقراطية في بلادنا.
أخيرا أذكّر أن الفصل ثمانين من الدستور جُعل لحماية الدولة وروح هذا الفصل هو إبقاء المنظومة القيادية للبلاد من رئاسة وحكومة وبرلمان في حالة انعقاد واشتغال ولم يُجعل لتغيير النظام السياسي.
إن الديمقراطية فيها دائما أقلية و أغلبية ولكن ضمن احترام الدستور والقانون وكما يجب على الأقلية احترام الأغلبية فإن على الأغلبية احترام القوانين و قواعد العقد الإجتماعي و عدم انتهاكه بفرض الأمر الواقع.
لن تكون هناك مصداقية لأي تغيير في القوانين دستورية كانت أو غيرها ما لم يتم استعادة الحياة الدستورية عبر عملية سياسية حوارية تحصن العمل السياسي من المشاكل التي كان يشكو منها قبل الخامس و العشرين من جويلية و ما بعده.
إن الواجب يقتضي التمييز عن تصريحات مستشار السيد رئيس الجمهورية وتوضيح مصير التونسيين و بلدهم عبر بلورة حل تشاركي للخروج من هذه الأزمة وسد الباب نهائيا أمام التدخلات الخارجية حرصا على الوحدة والسيادة الوطنيتين،غير ذلك هو دفع بالبلاد نحو المجهول لا قدر الله.